أهل الثناء والـمجد

لو كانت الأشجار أقلامًا لنا

ويمدها البحر العظيم بمائه

والبحر ممدودًا بسبعة أبحرٍ

أخرى لمدح الله في عليائه

ما كان ذاك المدح إلا قطرةً

عن مجده وجلاله وبهائه

ماذا يُبِين القول من أوصافه؟

أو ترسم الألفاظ عن أسمائه؟

ماذا يـجلي النثر من نفحاته؟

ماذا سيروي الشعر من آلائه؟

ماذا يقول الخلق مهما أبدعوا

عن فضله وفيوضه وعطائه؟

ماذا يخط الكاتبون؟ وإنما

هم ذرةٌ في الكون من إنشائه

الواحد الديان ليس كمثله 

شيءٌ وعِز المرء في استجدائه

إنعامه لو تعكُف الدنيا على

تعداده ستكِلُّ عن إحصائه

الواهب الرزاق ما من نعمةٍ

بالخلق إلا وهي من إيتائه

وانظر بقلبك للوجود فكم ترى

من آيةٍ في أرضه وسمائه

وروائع الإتقان في جنباته

وشواهد التوحيد في أرجائه

ودلائل الإعجاز فيما صاغه

وعجائب الأفنان من نعمائه

أرأيت هيبة ليله وسكونه؟

أرأيت نور نهاره وصفائه؟

أرأيت سحر الشمس في إشراقها؟

أرأيت وجه البدر في ظلمائه؟

وسماءه الزرقاء كيف تزينت

بالنجم فيه دلالةٌ للتائه

أرأيت أفنان الخمائل حينما

يهدي الربيع لـها جميل كسائه؟

والفل والريحان والورد الذي

سلب القلوب بحسنه ونقائه؟

أرأيت ألوان الزهور وعطرها؟

والبلبل الشادي وحسن غنائه؟

وجداول الماء الزلال وعزفها؟

وسياحة الألباب في صحرائه؟

وانظر إلى الإنسان أحسنَ خلقَه

وأمَدَّه بالهدي من إيحائه

كم كائنٍ سوَّاه وهو موكَّلٌ

بحياته وطعامه وسقائه

والكون يمضي باتزانٍ محكمٍ

وإليه سِرُّ ذهابه وبقائه

وإذا أراد الله أمرًا قال: كن

فيكون كيف يشاء من إمضائه

وأحاط بالأشياء ما من ذرةٍ

إلا بقبضته وتحت قضائه

سبحانه ما أشرقت شمسٌ وما

هفت القلوب لذكره ودعائه

سبحانه ما بث في الأرواح من

إجلاله ووداده وضيائه

سبحانه ما خط من قلمٍ وما

يزدان من ثغرٍ بحسن ثنائه

سبحانه ما طاب من صوتٍ وما

عبق الوجود بمدحه ورجائه

سبحانه ما ضاء برقٌ أو همى

غيثٌ على الأوطان من أنوائه

سبحانه ما فاح من عطرٍ وما

يتسابق العُبَّاد في إرضائه

في حبه تجد النفوس مرادها

ويرتل الوجدان عذب حُدائه

في ذكره سكنٌ وفي تسبيحه 

دَعَةٌ وسر الأنس في إطرائه

بشرى لـمن عبدوه وامتثلوا له

بالفوز والرضوان يوم لقائه