المسك والعنبر في أعظم منبر يَا أَحْرُفَ الشِّعْرِ الجَمِيلَة كَبِّرِي شَوْقًا وَإِجْلَالًا لِأَعْظَمِ مِنْبَرِ وَتَمايَلِي طَرَبًا وَهِيمِي فَرْحَةً وَتَأَلَّقِي وَتَأَنَّقِي وَتَبَخْتَرِي وَتَرَبَّعِي عَرْشَ البَيَانِ مَكَانَةً وَمِنَ التَّرَانِيمِ الأَنِيقَةِ حَبِّرِي المِنْبَرُ الأَزْكَـى مُرَادُكِ فَابْذُلِي عِطْرَ المَوَدَّةِ وَالمَكَارِمِ وَانْثُرِي فَأَرِيجُ أَقْدَامِ الحَبِيبِ يَفُوحُ مِنْ دَرَجَاتِهِ عَبَقًا كَمَثْلِ العَنْبَرِ فَهُنَا رَقَى المُخْتَارُ يَشْدُو بِالهُدَى وَالوَحْيِ كَالشَّهْدِ المُذَابِ كَسُكَّرِ تَـــــــــاقـَـتْ لَــهُ الأَرْوَاحُ مِـْــنْ حُـــــبٍّ وَمـنْ أَدَبٍ وَإِبْـدَاعٍ وَرَوْعَـةِ مَظْـــــهَــــرِ مَا أَسْعَدَ الصحبُ الكِرامِ إِذا بَدَا أَغْلَى حَبِيبٍ بِالمُحَيّا المسفرِ خَدٌّ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي فِيهِ مِنْ حُسْنٍ وَوَجْهٌ مِثْلُ بَدْرٍ مُقْمِرِ يَا للْفَصَاحَةِ وَالسمَاحَةِ وَالشَّذَى مِنْ رَاحَتَيْهِ وَلِلْجَبِينِ الأَزْهَرِ أَرْقَى وَأَنْقَى مَنْ تَزَيَّنَ مِنْبَرٌ بِجَمَالِ مَظْهَرِهِ وَصِدْقِ المَخْبَرِ مَا هَذِهِ الكَلِمَاتُ تَقْطُرُ سَلْسَلًا عَذْبًا وَيَا لَكَ مِنْ أَدَاءٍ مُبْهِرِ خَشَعَتْ قُلُوبُ السّامِعِينَ مَهَابَةً فِي سَمْتٍ إِجْلَالٍ وَعُمْقِ تَأَثُّرِ أَمَّا بُكَاءُ الجِذْعِ حُزْنًا إِذْ رَأَى مَيْلَ الحَبِيبِ إِلَى مَقَامٍ آخَرِ فَهِيَ الحِكَايَةُ تُذْهِلُ الأَلْبَابَ مَا مِنْ مَنْطِقٍ يَرْوِي جَلَال المَنْظَرِ يَبْكِي حَنِينًا يَسْتَغِيثُ مُؤَمِّلًا: يَا سِرَّ إِسْعَادِي وَبَهْجَةَ خَاطِرِي أَحْيَيْتَنِي بِجَمِيلِ وَصْلِكَ كَيْفَ لِي بَعْدَ الفِرَاقِ بِسَلْوَةٍ وَتَصَبُّرِي الحُزْنُ صَدَّعَنِي فَكَيْفَ تَرَكْتَنِي؟! سَأَذُوبُ مِنْ كَمَدِي وَنَارِ تَحَسُّـرِي فَيُبَادِرُ القَلْبُ الرَّحِيمُ إِلَيْهِ فِي لُطْفٍ وَيَهْرَعُ لَلأَنِينِ وَيَنْبَرِي فَيَضُمُّهُ وَيَبُثُّ فِي وِجْدَانِهِ هَمَسَاتِ قَوْلِ هَانِئٍ وَمُعَبَّرِ وَيُمِرُّ كَفَّه الحَنُونَةَ مَاسِحًا أَحْزَانَهُ فَيَرُوقُ بَعْدَ تَوَتُّرِ مَنْ كَانَ مُسْتَنَدَ الحَبِيبِ فَمَا لَهُ عُذْرٌ لِهَوْلِ تَصَدُّعٍ وَتَفَطُّرِ وَاللهِ لَوْلَا ضَمَّةُ المُخْتَارِ مَا سَكَنَ الأَنِينُ عَلَى مَدَارِ الأَعْصُـر جِذْعٌ يَحِنُّ إِلَى النَّبِيِّ فَمَا لَهَا بَعْضُ القُلُوبِ كَجَلْمَدٍ مُتَحَجِّرِ يَا أَيُّهَا الجِذْعُ المُحِبُّ مُبَارَكٌ وَشَمَمْتَ رَائِحَةَ الحَبِيبِ فَلَيْتَنِي يَا مِنْبَرَ الهَادِي الحَبِيبِ حُرُوفُنَا وَلِوَجْهِ خَيْرِ النَّاسِ حِينَ يَبُثُّ مِنْ أَزْكَـى مِنَ الرَّيْحَانِ مِنْ عَبَقِ الشَّذَى إِبْدَاعُ لَفْظٍ فِي رَفِيعِ بَلَاغَةٍ وَلَكَمْ أَتَى جِبْرِيلُ يَتْلُو آيَةً وَلَكَمْ دَعَا مَوْلَاهُ فِي أَمَلٍ فَيَا فَإِذَا اشْتَكَى هَمًّا إِلَيْهِ وَكُرْبَةً وَإِذَا دَعَا بِالنَّصْـرِ جِبْرِيلُ انْبَرَى وَإِذَا اسْتَغَاثَ اللهَ أَقْبَلَتِ السَّمَا وَكَمْ ارْتَقَى دَرَجَاتِهِ مُتَرَنِّمًا وَلَكَمْ أَتَى الحَسَنَانِ فَارْتَقَيا عَلَى صَعِدَا إِلَى الجَدِّ الحَنُونِ وَأُفْعِمَا هَذَا عَلَى الكِتْفِ اليَمِينِ مُدَاعِبًا وَلَكَمْ وَكَمْ مِنْ قِصَّةٍ وَحِكَايَةٍ لَمْ يَظْفَرِ التَّارِيخُ مُنْذُ شُرُوقِهِ مَا أَسْعَدَ الدُّنْيا بِأَعْظَمِ مِنْبَرِ سَيَظَلُّ سَمْعُ الكَوْنِ يَطَرَبُ لِلَّذِي وَيَظَلُّ عِطْرُ بَيَانِهِ مُتَصَدِّرًا مَاذَا نُسَطِّرُ عَنْ رَوَاتِبِ مِنْبَرٍ مَا نِلْتَ مِنْ حُضْنٍ حَنُونٍ أَعْطَرِ فِي طَيِّ فَرْعِكَ كُنْتُ خَيْرَ مُظَفَّرِِ جَذْلَى لِبُسْتَانِ البَيَانِ الأنْضَـرِ دُرَرِ الهُدَى صَفْوًا لِأَعْظَمِ مَعْشَـرِ أَغْلَى مِنَ اليَاقُوتِ وَمِنَ الجَوْهَرِ وَجَمَالُ صَوْتٍ فِي قَدَاسَةِ مَصْدَرِ عُظْمَى مِنَ الرَّحْمَنِ لِلْمُتَدَبِّرِ لَكَ مِنْ فُيُوضَاتٍ وَخَيرٍ مُحْضَـرِ حَظِيَ الفُؤَادُ بِبَلْسَمٍ وَتَصبُّرِ بُشْـرَى بِنَصْـرٍ عَاجِلٍ وَمُؤَزَّرِ بِسَحَائِبِ الغَيثِ الَهِنيءِ المُمْطِرِ بِزُلَالِ تَسْبِيحٍ وَعِطْرِ مُكَبِّرِ دَرَجَاتِهِ شَوْقًا لِلُطْفِ المعْشـرِ أُنـسًا بِأَجْمَلِ مَشْهَدٍ زَاكٍ بَرِي شَعَراتِهِ وَشَقِيقُهُ بِالأَيْسَـرِ وَرِوَايَةٍ وَحُقُولِ وَردٍ مُزْهِرِ بِأَجَلَّ مِنْ ذَاكَ الخَطِيبِ الخَيِّرِ مَا زَالَ سَلْسُلُهُ كَمِثْلِ الأَنْهُرِ أَهْدَاهُ أَصْدَقُ مُنْذِرٍ وَمُبَشِّـرِ بَيْنَ البَرَايَا كَالسِّـرَاجِ النَّيِّرِ هُو فِي الِجَنَانِ عَلَى ضِفَافِ الكَوْثَرِ؟!